منتدى ابناء ارمنا


انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتدى ابناء ارمنا
منتدى ابناء ارمنا
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

بهيمة عوض الله

2 مشترك

اذهب الى الأسفل

بهيمة عوض الله Empty بهيمة عوض الله

مُساهمة من طرف ارمنا تود الأربعاء يناير 27, 2010 1:57 pm

أكره اسمي .
. أكرهه ..
وأكره أبى لانه منحني إياه بلا تفكير في آثاره وتبعاته .. ظلت هذه الأفكار تدور في راس فهيمة وهي تقوم بتعبئة استمارة الجلوس لامتحان الشهادة ..
. كان القلم يرتجف في يدها وهي تكتب اسمها وشرد تفكيرها وعاد بها إلى الوراء ...
منذ صغرها وعندما بدأت تعي معنى الأشياء أدركت أن هناك خطأ ما فيها .

.. بإحساس الطفولة البرئ كانت تستقبل الغمزات الساخرة والضحكات المستهجنة كلما سألها شخص ما عن اسمها : تعالي يا حلوة اسمك منو ؟؟ كانت ترد بفخر من تعرف اسمها كاملاً : بهيمة عوض الله محمد احمد .. كانت تنطقه دون أن تعرف معناه ...فتفاجأ بالتعبير المصدوم الذي يعقب معرفة اسمها.. مرت الأيام .. تبعتها السنون والصغيرة مقتنعة بتفسير والدتها لتصرفات الأهل والجيران عند سماعهم اسمها
( يا بهيمة ديل بس بيغيروا منك لانو ما في أي واحدة عندها بت حلوة زيك ولا اسم جميل زي اسمك ) ... عندما بلغت بهيمة ست سنوات اصطحبتها الحاجة أمونة التي يحلو للجميع مناداتها بلقب حاجة رغم أنها لم تزر بيت الله وان كانت تتمنى .. إلي المدرسة المجاورة للمنزل لتسجيلها .. وهناك عرفت لاول مرة معنى اسمها الغريب ..
" انتي مرة غبيانة ومخك زي العصفور "


" في إنسان عاقل في الدنيا يسمي بته بهيمة ؟؟ هو الله سبحانه وتعالى خلقها إنسان وانتو تنزلوها لمستوى الحيوانات ؟؟
كانت حاجة امونة تنظر إلى الناظرة باستكانة وخوف انتقل تلقائيا لجسد الابنة الملتصقة بها فبدأت تبكي ودفنت رأسها الصغير في ثوب أمها التي احتضنتها بحنان مشفق ...

" والله يا حضرة الناظرة أنا ما لي ذنب ... أبوها هو السماها كدة عشان تعيش "
" شنو يعني عشان تعيش ؟؟" فانكمشت حاجة امونة داخل جلدها وردت بانكسار
" انا يا حضرة الناظرة ولدت خمسة عيال قبل بهيمة .. كلهم ماتوا وهم صغار .. عشان كدة لمن ولدتها أبوها قال لو سميناها باسم شين ما بيحصل ليها شئ وفعلاً عاشت وبعديها أنا ما جبت عيال "

بدا وكأن هذا التفسير الذي تراه حجة امونة مقنعاً .. قد فجر غضب الناظرة بصورة اكبر .. فنهضت من وراء مكتبها وضربت الطاولة بعنف قفزت له بهيمة وهي تتمسك اكثر بثوب امها

" انتو بشر انتو ؟؟!! انتو عايشين وين ؟؟ ايه الجهل دة ؟؟ والله انتو حرام الله يديكم عيال ... شوفي يا مرة انتي ارجعي قولي لراجلك ناس المدرسة قالوا لي لو ما غيرتوا اسم البت دي لاسم تاني ما في ليها تسجيل لا في المدرسة دي ولا في اي مدرسة تانية انتي فاهمة ؟؟ ""



عندما سمعت حجة امونة هذا الكلام انهارت آمالها في أن تجد ابنتها ما لم تجده هي وأخذت تنشج بأسى يهز الوجدان مما جعل قلب الناظرة يلين وبدأت تتراجع عن قسوتها على ألام المغلوبة ...
فغيرت لهجتها وسالتها باشفاق : " انتي اسمك منو ؟؟
" أنا اسمي امونة يا حضرة الناظرة "

" اسمعي يا امونة .. أنا باقول ليك الكلام دة عشان مصلحتك ومصلحة بتك .. انتي عاوزاها تبقى مضحكة وسط بنات المدرسة ؟؟ عاوزاها تتعقد وتكره الدراسة ؟؟ دة الحيحصل لو زميلاتها عرفوا اسمها عشان كدة لازم تغيروه ليها عشان تعرف تعيش وسط الناس"...

" والله يا حضرة الناظرة انا حاولت من زمان اخلي ابوها يغير اسمها عشان نسوان الفريق اكلوا لحمي بيه .. لكن هو رفض .. ولو قلت ليه عشان المدرسة حيقول لي خليها تقعد في البيت وما في داعي للقراية .. ما هو انتي امها لا بتعرفي تقري ولا تكتبي حصل ليك شنو ؟؟ ... انتي يا حضرة الناظرة يرضيك البت تبقى جاهلة ؟؟ انا خلاص كبرت وما بقى يهمني بس هي لسة صغيرة وانا عاوزاها تعيش حياة احسن من حياتي " عليك الله وسايقة عليك النبي ما تحرميها من التعليم حاولي تقبليها باي طريقة ".

تنهدت الناظرة وغرقت في التفكير ثم رفعت رأسها وقالت :" خلاص انا عندي فكرة .. يمكن ما نقدر نغير الاسم في الأوراق الرسمية لكن نقدر نغيره قدام الناس .. وعشان ما يكون الموضوع ظاهر حنغير حرف واحد بس بدل ( البـاء ) في أول اسمها نخت حرف (الفـاء ) يعني بدل بهيمة تبقى فهيمة .. عرفتي يا فهمية من الليلة لو اي زول سالك من اسمك تقولي شنو ؟؟"
خرجت الجملة من فم الصغيرة متقطعة مع شهقاتها " ف ... هي .. مة "
شاطرة يا فهيمة .. يلا عاوزاك في الدراسة تكوني كدة عشان تفرحّي امك .. خلاص يا حجة امونة أنا حاسجلها ليك ومن بكرة تنزل المدرسة .. واوعي تنسي اسمك فهيمة ما بهيمة " ...

وهكذا كان .. ومرت الأيام وكبرت الصغيرة .. وكبر معها كرهها لحرف الباء بصورة متطرفة .
. وتمنت لو لم يكن موجودا في اللغة العربية .. استماتت في الدراسة فكانت من المتفوقات ولكن اكثر يوم تخشاه كان يوم إعلان النتيجة خوفا من أن تخطئ إحدى المدرسات او تنسى الناظرة فيقال اسمها الحقيقي .. لذا لم يصدف يوما ان كانت موجودة أثناء توزيع الشهادات .. تتحجج بالمرض أو أي عذر آخر لعدم الحضور .. لم تكن تشعر بفرحة النجاح ولم تحس بزهو التفوق ... فقد وقف اسمها عائقاً أمام السعادة التي تصبو إليها ...
وكان يذكرها في كل لحظة بأنها اقل من البشر وإنها أدنى مرتبة من زميلاتها وبالتالي لا تستحق هذا النجاح ...
كل ما كبرت فهيمة كبر حب حاجة آمونة لها فصارت قرة عينها ومصدر فرحتها وفخرها ولا تستطيع ان ترفض لها طلبا .. حتى عندما أصرت فهيمة على الانتقال إلى حي آخر لا يعرف فيه أي كان اسمها الحقيقي .. بدأت لاول مرة تفكر كيف تقنع زوجها عوض الله بالانتقال وكانت تدرك يقيناً بأنه لن يوافق مهما الحّت عليه .. لكن تحت ضغط فهيمة المتواصل قررت امونة ان تجبر زوجها على الرحيل .. وهداها تفكيرها المتواضع المحدود إلى أن إشعال حريق في المنزل المتواضع سوف يقضي على أسباب البقاء فيه .. وفي صباح يوم غائم كئيب وبعدان خرج عوض الله إلى عمله أحضرت زجاجة الجاز الخاصة بالفانوس ونثرته في المراتب والطاولات الخشبية القديمة و أشعلت الثقاب ..
ما لم تتوقعه هو انتشار النار السريع وعودة عوض الله لقضائه المحتوم فقد حضر من عمله مبكراً على غير عادته و فؤجئ بالنار تلتهم كل ما يملكه في الحياة وبلا تفكير اقتحم المنزل المشتعل بعد أن تملص بقوة غريبة من أيدي مانعيه المشفقين عليه .. وظلت صرخاته المدوية كابوساً يطارد كل الذين عجزوا عن إنقاذه في ذلك اليوم المشئوم...

وتم لفهيمة ما أرادت .. انتقلت هي وامها من الحي بعد أن احترق المنزل وابيها بداخله .. لم يكن الفرق كبيرا بين الحيين فكلاهما في أطراف العاصمة وكلاهما من الأحياء البسيط المليئة بالبيوت المتواضعة .. ولكن بالنسبة لفهيمة التي حرصت على قطع علاقتها وامها بكل الجيران القدامى .. كان هو الجنة حيث لا أحد يعرف اسمها الحقيقي .
..
مرت الأيام وفهيمة تتجنب حرف الباء وتتفتح مزهوة بحرف الفاء الذي يزين أول اسمها...
بينما امونة تنزوي وتنكمش يوما بعد يوم .. فقدت عيناها البريق .. جافاها النوم وعافت نفسها الأكل .. برغم إلحاح فهيمة المتواصل إلا أنها كانت ترفض وتقول لها : يا بتي صراخ أبوك حاميني الأكل والنوم .. أنا قتلته بأيدي ... أنا قتلته "
وظلت تردد هذه العبارة حتى لحقت بعد شهور قليلة ...

وبقيت فهيمة بمفردها .. حصلت على عمل في مصنع الشمع القريب من منزلها صباحاً ... وتذهب إلى المدرسة مساء .. كانت مصرة على التعليم ليقينها بأنه مخرجها من صفة الدونية المرادفة لاسمها .. كانت تتذكر أمها بحزن وأباها بألم وحرقة ... أليس هو سبب كل ما حصل ؟؟ منذ البداية ... منذ أن اسماها بهيمة ؟؟ كانت تنغمس في العمل لتنسى وتنغمس في المذاكرة لتطفو على سطح المجتمع حتى كان موعد التقديم لامتحانات الشهادة ... وتضاربت الذكريات في رأسها وهي تملا الاستمارة وبلا وعي منها كتبت اسم فهيمة على كل الأوراق ونسيت أنها تدعى بهيمة في الأوراق الرسمية ...
واجتازت الامتحانات بتفوق .. وكان مجموعها مثار حسد الكثيرات اللائى تتميزين بوضع اجتماعي افضل منها ...
وجاء وقت التقديم للجامعة ... وتم طلب جميع الأوراق الرسمية كجزء من إجراءات القبول ...
أحيلت فهيمة إلى التحقيق بتهمة التزوير في أوراق رسمية .. ومحاولة انتحال شخصية أخرى ...
حاولت أن تشرح لهم أن الأمر لا يتعدى حرف واحد ..

حرف قد لا يمثل لهم اي شئ ان تركوه أو حذفوه أو استبدلوه ..
لكنه بالنسبة إليها يمثل وجودها .... وحياتها .. وإحساسها بإنسانيتها ..
حرف واحد كلفها حياة أمها وأبيها ... وحريتها ...
وما زال الموضوع بين يدي القضاء ليحكم فيه
من منقولات ارمنا تود

من قصص سناء جعفر
ارمنا تود
ارمنا تود
عضو جديد .. يا هلا بيك
عضو جديد ..  يا هلا بيك

عدد المساهمات : 5
تاريخ التسجيل : 27/01/2010
العمر : 42
الموقع : armena_tod@nubians-2.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

بهيمة عوض الله Empty رد: بهيمة عوض الله

مُساهمة من طرف hamo kordy الأربعاء يناير 27, 2010 2:34 pm

يا سلام على العبر
تسلم يا صبحى وفى انتظار المزيد

Sad Sad Sad Sad Sad Sad Sad Sad
hamo kordy
hamo kordy
Admin
Admin

عدد المساهمات : 74
تاريخ التسجيل : 31/10/2009
العمر : 36

https://armena.ahlamontada.net

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى